فى معنى التبتل
إن
التبتل هو إنقطاع القلب إلى الله ؛ فلا يفرح ولا يحزن ، ولا يرضى ولا يغضب
ولا يحب ولاسكره ؛ إلا أن يكون ذلك من أجل الله ، لا من أجل نفسه .
إن القلب خلق حساسا وفيه تثور كل المشاعر ؛ فانظر ماذا يثير مشاعرك ويحركها ؟
أبناؤك وأهلك لهم تأثير فى قلبك !!
زوجتك لها مثل ذلك !!
المال فتنته وسحره واثره فى عمق القلب !!
نفسك وما تصبو إليه من شهوات الحياة الجاه والسلطة والشهرة والرفعة ؛ لها مع
القلب حساب .. أى حساب . والقلب مرآة صافية لايظهر فيها إلا ما جاء أمامها
فإذا انشغل صاحبها بهم تتفرق همته بينها فذلك متاع الحياة والدنيا والله
عنده حسن المآب ؛ فإذا أطل وجه الله سبحانه وتعالى من خلال هذه الصورة
المزدحمة أفيكون القلب خالصا له منقطعا للإشتغال به وحده !؟
هذا يا أخى
معنى تبتل الإنسان لله سبحانه ؛ أن لايُشرق على صفحة القلب إلا نور وجهه
عز وجل وحده لا شريك له ؛ حينئذ تكون قد تجردت له سبحانه من كل شئ ، وأخلصت
له من نفسك كل شئ ، فان حياتك وله مماتك وله صلاتك وعملك كله على نحو ما
رسم الله سبحانه من سنن التجرد والتبتل : ( قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي
وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لا شريك له .....
الآية ) الأنعام 162
قال بن القيم رحمه الله : إذا أصبح العبد و أمسى و
ليس همه إلا الله وحده ، تحمل الله عنه سبحانه حوائجه كلها ، و حمل عنه كل
ما أهمه ، و فرغ قلبه لمحبته ، و لسانه لذكره ، و جوارحه لطاعته ، و إن
أصبح و أمسى و الدنيا همه ، حمله الله همومها و غمومها و أنكادها ووكله الى
نفسه فشغل قلبه عن محبته بمحبة الخلق ، و لسانه عن ذكره بذكرهم و جوارحه
عن طاعته بخدمتهم و أشغالهم ، فهو يكدح كدح الوحوش فيخدمة غيره .. فكل من
أعرض عن عبودية الله و طاعته و محبته بلي بعبودية المخلوق و محبته و خدمته .