السلام هو تحية المسلمين, قال تعالى عن أهل الجنة: (تحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ) [الأحزاب: ٤٤]، وقال تعالى عن إبراهيم عليه السلام ( وَلَقَدْ جَاءتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُـشْرَى قَالُواْ سَلاَماً قَالَ سَلاَمٌ فَمَا لَبِثَ أَن جَاء بِعِجْلٍ حَنِيذٍ) [هود: ٦٩].
وهو من حق المسلم على المسلم كما روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: « حق المسلم على المسلم خمس: رد السلام, وعيادة المريض, واتباع الجنائز, وإجابة الدعوة, وتشميت العاطس » (1) ، وفي رواية لمسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: « حق المسلم على المسلم ست: إذا لقيته فسلم عليه، وإذا دعاك فأجبه، وإذا استنصحك فانصح له، وإذا عطس فحمد الله فسمته, وإذا مرض فعده, وإذا مات فاتبعه » (2)
كما أن السلام أول أسباب التآلف , ومفتاح استجلاب المودة. وفي إفشائه تحقيق للألفة بين المسلمين, وإظهار شعارهم المميز لهم من غيرهم من أهل الملل, مع ما فيه من رياضة النفس, ولزوم التواضع, وتعظيم حرمات المسلمين. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم" (3) مسلم
ومن آداب السلام وأحكامه :
1_ السلام أن يقول المسلِّم : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وهذا السلام الكامل, وأقلّه: السلام عليكم.
وفي السلام أجر عظيم وخير كثير, فإذا أُلقي كاملًا كان لملقيه ثلاثون حسنة, وإذا قال: السلام عليكم ورحمة الله؛ كان له عشرون حسنة, وإذا ألقي بالأقل كان له عشر حسنات, روى أبو داود والترمذي عن عمران بن حصين رضي الله عنهما قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: السلام عليكم, فَرَدَّ عليه، ثم جلس، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «عشر» ثم جاء رجل آخر, فقال: السلام عليكم ورحمة الله, فرد عليه, ثم جلس, فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «عشرون» ثم جاء آخر، فقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فرد عليه، وجلس، فقال: «ثلاثون» (4)
المقصود: ثلاثون حسنة.
2_ السلام له إضافة لما سبق من الأجر فضائل وثمرات, فقد روى البخاري عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن رجلاً سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الإسلام خير؟ قال: « تطعم الطعام, وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف » (5)
ويدل هذا الحديث أيضاً على أن السنة إفشاء السلام وإشاعته على من عرفت ومن لم تعرف .
كما أن السلام من أسباب المودة والألفة والمحبة بين المسلمين, وهي من أسباب دخول الجنة, روى الإمام مسلم رحمه الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: « لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا, ولا تؤمنوا حتى تحابوا, أَوَلا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم » (6)
والسلام اسم من أسماء الله تعالى، فكأنّ المسلّم عندما يسلم يقول: أنتم في حفظ الله تعالى، وقيل: إن السلام دعاء بالسلامة.
3_ ذهب جمهور العلماء إلى أن الابتداء بالسلام سنة مؤكدة, وهذا هو المشهور حتى لا يكاد يعرف الكثير من الناس غيره ، ونقل ابن مفلح عن شيخ الإسلام ابن تيمية أن ابتداء السلام واجب في أحد القولين في مذهب أحمد ، وهو ظاهر ما نقل عن الظاهرية (7) عندالمالكية ( في غير المشهور ) أن الابتداء بالسلام من الواحد فرض (8)
وقال ابن العربي: السلام فرض مع المعرفة ، سنة مع الجهالة (9)
وعلى قول الجمهور هو سنة على الكفاية فإن كانوا جماعة فسلم واحد منهم كفى عن جميعهم ولو سلم كلهم كان أفضل وأكمل، فعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « يجزي عن الجماعة إذا مروا أن يسلم أحدكم ويجزي عن الجلوس أن يرد أحدكم » أخرجه أبو داود (10)
أما ردّه فقد أجمع العلماء على وجوبه ويدل عليه قوله تعالى : { وإِذَا حُيِّيْتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا } والأمر للوجوب فهو واجب عينًا على المسلَّم عليه إذا كان واحدًا, وواجب على الكفاية إذا كانوا مجموعة, وإن ردوا جميعًا فهو أفضل.